تتفاخر كل المجتمعات بما تمتلك من موروث أياً كان نوعه اجتماعياً أو ثقافياً أو أدبياً أو رياضياً أو غيره من الأشياء الزراعية أو الصناعية أو مواقف قديمة حدثت مشرفة، وذلك لما يعطي ذلك الموروث هذه المجتمعات من حق في التفاخر والتباهي أمام بعضها البعض، وهنا نقول إن موروثنا الاجتماعي هو أحد الأشياء التي تجعلنا نحن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة نتباهى أمام باقي المجتمعات، حيث أثبت أنه موروث اجتماعي يدل على مدى رقي أصحابه منذ القدم ولم تلتصق بهم أي من الصفات غير الجدية، وكلمتنا اليوم (وصلت) إحدى تلك النماذج في موروثنا الاجتماعي، حيث اجتمعت عشرات الكلمات والمعاني في كلمة واحدة فقط، (وصلت) تتكون من أربعة حروف فقط تحمل في جوانبها الكثير من المعاني والقيم وحُسن الخلق والشهامة والتضحية والمحبة والإيثار والنخوة والرجولة والكرم، ولن أبالغ إن زدت على ذلك، فكلمة (وْصلت) للقارئ تعني أنك وصلت إلى المكان الذي تريد أو الذي أنت فيه مادياً، ولكن في موروث دولتنا الاجتماعي تعني الوصول إلى مبتغاك والمكان الذي تريد بشكل أعمق أو بشكل اجتماعي وليس مادياً، وهي غالباً ما تقال عند من يعرف معناها وأبعادها الاجتماعية، فقولها يترتب عليه أشياء كثيرة لا يمكن الرجوع عنها، فعلى سبيل المثال إن كان هناك شخص يبحث عنك وهو لا يعرفك وله لديك مطلب ما وأنت لا تعرفه بطبيعة الحال التقى بك في الطريق أو أي مكان، وقال أبحث عن فلان الذي هو أنت فلديك خياران: إما أن تقول (أنا هو) ويكون جوابك غير مرتبط بتراثنا الاجتماعي وسطحياً أو تقول (وصلت) ويعني أنك تقول له وصلت إلى مطلبك أياً كان دون أن تعرف حجمه أو قيمته أو مدى المشقة التي يمكن أن يسببها تلبيتك طلبه، الأمر الذي يدل على كرمك وخلقك وشهامتك ورجولتك التي سوف تحمّلك الكثير بسبب ما تعنيه هذه الكلمة التي انتجها موروثنا الاجتماعي وما تحمل من معانٍ سامية لا ينبغي أن تكون إلا في الشخص الذي يتمنى الجميع أن يكون مثله، والذي يأسر الناس بخلقه وكرمه وتحمله أعباء كبيرة لخدمة مجتمعه وبلاده.
(وصلت) كلمة جميلة تُشعر مَنْ يسمعها بالراحة والطمأنينة وتملأ قلبه بالمحبة والرضا، وإن لم يحصل على ما يطلب كاملاً فهذه الكلمة تفتح له أبواباً من الأمل قبل أن يهم بطلب أبسط ما جاء لأجله، وهنا نقول إنه يحق لنا أن نفتخر ونعتز بموروثنا الشعبي الاجتماعي الذي تفرَّد في مخرجاته بين المجتمعات وتميّز بعمق تاريخه وقيمه وعراقته.
وللحديث صلة….