جملة من الجمل غير العادية والتي تحمل بين حروفها معاني بعيدة عن المعنى الظاهر في كلماتها، والذي أنتجته بلاغة اللغة العربية الفصيحة وبلاغة وعمق العلاقات الاجتماعية في المجتمع العربي الذي تنتسب له دولتنا وينتسب له مجتمعنا بمفرداته وثقافته وأدبه، وإن كنا في العدد قليلين بالنسبة لباقي المجتمعات، إلا أننا هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة حافظنا على ذلك الموروث الأصيل في تعاملاتنا اليومية، بدءاً من البيوت والجيران مروراً بالحي والقرية والمدينة ومن ثم الدولة ثم إلى الحد الإقليمي وصولاً إلى العالم بمختلف أطيافه، وجملتنا اليوم هي جملة اجتماعية تختصر كثيراً من الشرح وتحمل المستمع إلى النقطة المطلوبة بدون تعب وجهد، مع أن معنى الجملة بعيد كل البعد عن المقصود منها «باعك قصير»، كلنا نعلم أن الباع هو وحدة قياس وهو قياس اليدين مفرودتين أي من آخر جزء في أصبع السبابة في اليد اليمنى إلى آخر جزء في أصبع السبابة في اليد اليسرى، ودائماً الباع يكون بنفس طول الإنسان فكلنا طولنا يساوي طول «باعنا» وكلمة «قصير»، أي أنه قصير كما هو معلوم في اللغة وهو عكس الطويل وقد أنتج موروثنا الاجتماعي هذه الجملة ليختصر كثيرا من الشرح بأدب وأخلاق ترتقي بأهله وناسه، فمعنى جملتنا الاجتماعي إذا قيلت لشخص أنه ليس لديه إمكانيات تمكنه من القيام بما يود عمله أو مهمة طلبها هو، وفي ظنه أنه سوف ينجزها وعلى سبيل المثال، فلنفرض أنه كان هناك طلب لشخص ما في إحدى الدوائر المحلية أو الوزارات وهذا الطلب يحتاج إلى استثناء لاستكماله، وتحتاج شخصاً يذهب لإنجاز ذلك الطلب فيقول له البعض لن تستطيع «هذي تبا واحد باعه طويل»، والقصد أنه ذو أخلاق حسنة وذو معرفة طيبة بالناس في المجتمع بشكل عام، وقد ثبت ذلك بحسن تعامله معهم، سواء كان من خلال عمله الحكومي أو الخاص في البيع والشراء أو التعامل اليومي مع أفراد مجتمعه مما أعطاه قدراً لديهم يستطيع من خلاله أن يخدم به المجتمع في كثير من الحالات التي تقف بعض الأحيان، وتؤثر على البعض والسبب بعض القوانين التي وجدت لحماية المتعامل نفسه وإن أزعجته قليلاً في شيء من الإجراءات ونستطيع استخدامها أيضاً في العلاقات الشخصية، فإذا ذهب شخص لخطبة فتاة فتجده يبحث عن «راعي الباع الطويل»، لكي يقبلوا به أو يقدروا ذلك الشخص ووصوله معه ويقبلوا به.
وبالتالي يصبح معنى «باعك قصير»، أي ليس لديك معرفة وعلاقات بأفراد المجتمع تمكنك من إنجاز بعض الأمور العالقة أحياناً لدى أفراد المجتمع، وهنا يتألق موروثنا في مفرداته التي لا تخلو من حسن الخلق والاحترام والتقدير ويثبت للجميع أن ثقافة الشعوب هي أساس لرقيه وتقدمه.
وللحديث صلة..