«فيهن من تسوى ثمانين بكرة وفيهن غالية بقيد قعود»، جملتنا اليوم تعد مثلاً في الموروث الأدبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وترجع هذه المقولة التي أصبحت مثلاً من الأمثال التي تبين مكانة المرأة العاملة والإيجابية والمبدعة، التي تستطيع بصبرها واجتهادها تغيير أصعب الأشياء، في الذاكرة الأدبية التراثية التي وثقت هذه القصة الجميلة.
وتحكي القصة أن رجلاً فقيراً كان يعيش في أطراف المدينة، هو وزوجته، وكان إذا وجد طعاماً في اليوم، لم يجد طعاماً في اليوم الذي يليه. وفي يوم من الأيام، اشتكى حاله إلى أحد أصدقائه فنصحه بالزواج، وكانت نصيحةً يراها ليست في محلها، فقال: أنا عاجز عن أن أطعم زوجتي وأطفالي، فكيف لي أن أزيد التزاماتي بزوجة ثانية؟، فقال له صاحبه: هذا هو الحل.
وفعلاً، فعل ما أوصاه به صاحبه، وتزوج. وبعد حينٍ من الزمن التقى بصاحبه، فسأله: كيف سارت أمورك؟، فقال له: من سيئ إلى أسوأ. فقال له صاحبه: تزوج بالثالثة. وفعل ما أوصاه به صديقه، وتزوج الثالثة. وهنا تبدل الحال، فقد تعود أنه كلما رجع إلى البيت، وجد من في البيت ينتظرون منه طعاماً ليسدوا جوعهم وحاجاتهم، أما الآن، فإنه كلما رجع وجد المنزل نظيفاً والقهوة موجودة، وأصبح بيته لا يخلو من قليل من التمر.
ومع مرور الأيام، أصبح يملك قطيعاً صغيراً من الأغنام وناقة وبعيراً يحمله حيث يشاء، وتغير حاله من عسر إلى يسر بأمر الله.
وبعد مدة من الزمن تقابل مع صديقه، فأخذه بالأحضان، وقال له: لا تسألني عن حالي، فإن حالي بفضل الله ثم مشورتك، تبدل من جوعٍ إلى شبع، ومن حاجة إلى اكتفاء، ومن راعٍ إلى صاحب حلال. فسأله صاحبه: وما سبب ذلك؟، قال: أخذت بمشورتك وتزوجت الثانية، وكانت لا تختلف عن الأولى، وعندما أخذت الثالثة كانت الفارق، فقامت بتشجيع زوجاتي الأخريات على العمل، وجمع الحطب لبيعه في السوق، وادخرت مبلغاً من ذلك، وابتاعت به رأسين من الماعز.
وهكذا حتى تبدل حالنا من ذلك الحال، إلى ما تراني عليه الآن، فقال صديقه هذه الجملة: «فيهن من تسوى ثمانين بكرة وفيهن غالية بقيد قعود». والمعنى هنا، من النساء من تسوى ثروة بحد ذاتها، وهناك من يكون قيد صغير الأبل المصنوع من القماش أغلى منها.
وهنا، يثبت موروثنا أن فيه من الحكمة والمعرفة الاجتماعية، ما لا يقل عما تملكه الأمم التي سبقتنا، وهو دليل على أن المرأة في دولة الإمارات، لها دور كبير ورئيس في بناء الأسر والمجتمعات، وأن المرأة هي أساس كل شيء جميل.
هذا، وللحديث صلة..