يثبت موروثنا الثقافي في الأدب الشعبي تميزه دائماً في مفرداته ورموزه التي أنشاها وخلقها هو لتكمل المنظومة الأدبية الخاصة به والتي تلائم بيئته وعاداته وتقاليده، وجملتنا اليوم تعود الى الزمن الذي تشكلت فيه المجتمعات في جزيرة العرب بشكل عام وإلى القبائل البدوية التي سكنتها هنا وهناك بما يشهد على احد جوانب امور الحياة وطقوسها والذي كان يمارس في ذلك الوقت واستمر معهم حتى يومنا هذا (جلّاب نِعل) جملة من كلمتين والأولى تعني قلّاب من قلب الشيء على وجهه والنعل هي جمع نعال وهو الحذاء اعزكم الله واكرمكم وجملتنا هي جملة تعد من الجمل التي لا تستخدم الا لذم احد ما وهي عبارة عن صفة لا ينبغي ان تكون في احد كونها مرتبطة بالغدر والحيلة والإساءة المتعمدة ولا تخلو من الحقد ايضاً وهي تعود الى طقوس كان بعض ضعاف الأنفس من العرب البدو يمارسونها قبل الجاهلية وفيها، وجاء الدين والقرآن ليحرمها وقد ذكر البعض منها في سورة الفلق فقال الله فيها: «ومن شر النفاثات في العقد».
فقد كان البعض منهم يستعينون بالشياطين وأسماء الجن من خباثة انفسهم إذا ارادوا ان يفرقوا بين زوج وزوجته او بين شركاء عمل ناجحين او ارادوا ان يبثوا الفتنة بين عائلة مترابطة قاموا بجلب خيط وعقدوا فيه سبعة عقد حسب ما ذكر في الأخبار المتناقلة بين الأجيال ويقومون بقراءة بعض القراءات الشيطانية ويقومون بالنفخ على تلك العقد وتعلق تلك الخيوط وغالباً ما تكون من الشعر في البيوت او على ابوابها وللأسف ان الذاكرة الشعبية اكدت اصابة الناس بالسوء من مجرد ممارسة تلك الطقوس، ويقوم آخرون منهم بالتمتمة ببعض الكلمات الشيطانية ايضاً يعلم الله من اين اتوا بها ومن ثم يقومون بقلب الأحذية على وجوهها امام البيوت فلا يكاد الصبح يخرج الا واهل ذلك المنزل او البيت وقد نشب بينهم شر لا ينتهي الا بفراقهم وتمزقهم والعياذ بالله، وقد جاء الدين وحرم الله ذلك اشد تحريم والحمد لله استطاع الدين ان ينهي تلك الممارسات الى حد كبير ولكن ولو توقفت تلك الممارسات او تغيرت اشكالها إلّا انه بقي مدلولها الاجتماعي الذي تعلق بكل من يحمل تلك الصفات وخصوصاً الذي لا يكون لديه مبادئ ثابتة يعرف بها ولتوضيح الجملة اكثر دعونا نسقطها في مثل يوضحها بشكل اكبر فلو فرضنا ان هناك شخصاً اشتهر بأنه يوقع بين الأصدقاء فإن ذهب معك شجعك على فعل ما يمكن ان يسيء الى شخص آخر ويبين انه شخص ناصح وصدوق وبعد ذلك يذهب الى الشخص الآخر ويوقع الاثنين في الفخ ويبين له أنه حاول ان يمنعه ولكنه لم يستطع وانه متأسف على ذلك وهنا نقول فلان (جلّاب نِعِلْ) وبالتالي يثبت موروثنا الشعبي الأدبي الاجتماعي انه متواجد منذ ان تواجد الإنسان على هذه الأرض الطيبة المباركة التي هي اساس لكل هذا المخزون الثقافي الاجتماعي النقي الذي استطعنا نحن كشعب للجزيرة العربية استقطاب معظم شعوب الأرض للعيش معنا واستطعنا التعايش معهم بكل اريحية وسلام.
وللحديث صلة