لا تخلو ثقافات المجتمعات من مفردات خاصه بها، أنتجتها وخطت حروفها حياتها اليومية، تشاركها في صنعها البيئة المحيطة بمختلف تضاريسها الجغرافية مع دورها الاقتصادي بمختلف معطياته من مهارات وحرف وأعمال متوارثة كرعاية الإبل والماشية وصيد السمك وجني العسل، وأعمال كثيرة أخرى أهمها الحياة الاجتماعية المترابطة.
والتي جعلت الفرد هو الجماعة والجماعة هي الفرد فكل ما يصيب الفرد سواء كان جيداً أو غير جيد تتأثر به الجماعة والعكس إذا ما حصل للجماعة شيء تأثر به الفرد، فالخير يفرح الجميع والشر يكدر الجميع، وجملتنا اليوم هي نتاج ذلك التلاحم والترابط وجزء لا يتجزأ من مكارم الأخلاق وإحدى أهم صفاتها، (في ويهك):
وهي جملة ليس لها مفهوم واضح بتاتاً، ولكن موروثنا الثقافي الاجتماعي أسقط فيها الكثير وذلك من خلال المعاني المرتبطة في وجه الإنسان من خلال عين وفكر وطريقة نظرة الموروث لمعنى كلمة الوجه وللإيضاح أكثر دائماً ما نقول لمن أدى عمله بأكمل وجه (بيض الله ويهك)، ونقول لمن باعنا شيئاً جيداً سواء كان سيارة أو أداة أو شجرة بحالة جيدة أفرحت من اقتناها (بياض ويه) ونقول لمن أساء في ما سلف ذكره (سودت ويهك)،.
وهنا نبين أن الوجه هو رمز النخوة في مجموعة الصفات التي يطلق عليها مكارم الأخلاق وغالباً ما تستخدم هذه الجملة للحصول على حق اللجوء لدى من توجه له أو توجه لمن يريدون منه التدخل لحل أزمة ما ولكي أوضحها أكثر سوف أضرب لكم مثلاً عن كيفية استخدامها فإن فرضنا أن هناك شخصاً قد قام بارتكاب مخالفة ما بغير قصد منه تستوجب حسب القانون حجز السيارة المخالفة أياماً عدة.
ومن ارتكب المخالفة شخص ليس لديه غيرها، وليس لديه ما يستطيع من خلاله تأجير سيارة أخرى في تلك الأيام فتجده يشرح للمسؤول عن حاله وعن التزاماته المالية والاجتماعية التي سوف تتأثر كثيراً إذا تم حجز السيارة فهناك أطفال يجب توصيلهم من وإلى المدارس وعمل وأشياء كثيرة أخرى.
إلا أن المسؤول لا يستطيع أن يتجاوز القانون ويجب حجز السيارة، فيقول له الآن الموضوع (في ويهك) وكأنه يستنجد بالنخوة الكامنة داخل ذلك المسؤول، والتي بهذه الجملة التي لا تتعدى حروفها الست أحرف غالباً ما تتحرك بها تلك النخوة ونجد أن الشخص الذي وجهت له هذه الجملة يتجاوب معها مباشرة إذا لم يكن هناك طرف آخر متضرر من تلك المخالفة.
ويتجاوز عن هذا البند من القانون على مسؤوليته تجاوباً مع القيم الإنسانية قبل التراثية، وقس على ذلك في أغلب الحالات الاجتماعية المشابهة، وهنا يثبت موروثنا أنه ذو جذور تأصلت من باطن الأرض وارتبطت مع وجود الإنسان في هذه الأرض الطيبة.
وللحديث صلة..