يطل علينا موروثنا الشعبي كعادته متألقاً متميزاً في مفرداته وعمقه الاجتماعي المتفرد، واليوم نلقي الضوء على جملة كسابقاتها من الجمل الجميلة والتي تدل على مدى رقي أصحابها والمجتمع التي نشأت فيه.
( لْمْعونِه) كلمة غنية بالمادة التراثية وثرية بالمحبة وتعزز الترابط المجتمعي لما تحتويه من معان ودلالات محبة من جانب الذي يقولها، وليسمع الجواب بالمقابل ( كْفِيتْ لِمْهونِه ) ومعناها أنه يطلب من الله لصاحبه أن يبقى عزيزاً ومرفوع الرأس دائماً.
لو حللنا هذا الدعاء لوجدناه يأتي من شخص لقي شيئاً يسر خاطره، والكلمة الأولى لاتقل قيمتها عن الثانية ..( لْمْعونِه ) هي الأولى والجواب ( كْفِيتْ لِمْهونِه ) وهي الثانية والحقيقة أن هاتين الكلمتين غير مفهومتين لغير المواطنين البدو، لكون الجملة أو هذه الممارسة ذائعة عند أهل البادية بشكل كبير.
اللهجة أيضاً هي لهجة الصحراء ولتوضيحها سوف أقدم مثلاً عن كيفية استخدامها فهي تقال على لسان محب أو صديق أو جار لرجل قد ذهب في عمل ما وتأخر فيه والكل يعرف أن ذلك العمل يحتاج إلى جهد وتعب مقرون بحظ لإنجازه فعندما يعود ذلك الرجل يبادرونه …بكلمتهم هذه ( لْمْعونِه) .
قبل أن يسرد عليهم قصته مع ذلك العمل يرد عليهم لدعوتهم له بأنه يتمنون أن يكون قد أعانه الله عليها، بأن يقول فوراً (كْفِيتْ لِمْهونِه أو كْفِيتْوا لِمْهونِه) أي دعوة منه لهم جميعاً بأن يكفيهم الله شر الذل والمهانة والتعب.
بهذا الكلام الذي تلقاه من أصدقائه أو أفراد عائلته يشعر براحة شديدة واعتزاز بالنفس كونه ليس وحيداً ويشعر أن هناك من يسانده ويدعمه إن احتاج إلى ذلك ، وهنا يبهرنا موروثنا الاجتماعي كعادته بمفرداته الراقية والتي تعزز الانتماء لكل أفراد المجتمع الواحد.