لا تغرك الرمســه في ظلّه وتشــوف ليّات المحازم

ولد النذل لا تستخلّــــــــه يمحنك لي من بــد لازم

بيتان من الشعر الشعبي، اللذان لم نصل بعد إلى من أبدعهما، سوى أنه أحد امتداد أقطاب الحكمة في هذا المجتمع، الذي نعيش نحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، امتداداً لهم أيضاً، وهما قديمان جداً، ما جعلهما بمثابة مثل حكمة أنتجته تجارب الحياه في هذه الأرض، من خلال التجارب الاجتماعية العديدة على مر السنين والعصور، انتقل من جيل لآخر، وإن غاب نسب من أبدعه، فما غابت هويته وحكمته التي توارثناها من جيل إلى جيل حتى يومنا هذا، وفي هذين البيتين من الشعر، تحذير واضح وصريح من عدم الأخذ بالمظهر والكلام المنمق من غير تاريخ يخصهم يثبت ذلك الكلام، فمثلاً، لا تغتر وتصدق من يدعي الفروسية، ولم تره يركب حصاناً يوماً ما، ما يجعلك تصدقه.

(لا تغرك الرمسه في ظلّه وتشوف ليّت المحــازم

ولد النذل لا تستخلّـــــــه يمحنك لي من بد لازم)

(لا تغرك)أي لا تخدع (الرمسه)الكلام

(في ظلّه) في الظل، وهنا يقصد أنه لا تخدع بالوعود التي سوف تتلقاها من البعض عن مساعدتك ومؤازرتك عند الحاجة، في حين أقدمت على عمل ما سوف تحتاج لمساعدة البعض وتثق ولم يئن الأوان لذلك، فهو مجرد كلام مجالس وراحة، ولذلك أوضحه وشبهه بأنه كلام في الظل، أي في وقت الراحة، وليس في الحدث، وأضاف عليه (وتشوف ليّات المحازم)، أي ترى قوته الشكلية وعتاده مثل (المحازم)، والتي تعني الأحزمة التي توضع فيها الذخيرة الخاصة بالسلاح، كالطلقات النارية والبارود، وهي أحزمة كانوا يستخدمونها في السابق، وتعطي من يلبسها هيبة وقدراً.

(ولد النذل لا تستخله)، أي لا ترافق من عرف عن أبيه أو جده أو جد جده أنه خواف، أو تتخذه خليلاً لك في عمل ما يتطلب المساعدة والوقوف معك في بعض الأحيان، فكلمة (نذل) في لهجتنا المحلية، معناها الخواف، وهي صفة مكروهة في الرجال عموماً (يمحنك) أي يضعك في مصيبة بتخليه عنك عند الحاجة، ولن تجده ذلك الرجل الذي تظن للأسف (لي من بد لازم) أي عندما تحتاج له، ولن يلتزم ويلازمك أبداً (بد لازم)، أي موقف صعب تحتاج فيه إلى من يلتزم بالوقوف معك.

وهذا هو معنى وشرح بيتي الحكمة اللذين سردناهما

نعم، فمن كان أهله أهل سوء وخَوَنْ، وأبوه أو جده أو أحد من أجداده سجل التاريخ عنهم الخيانة، فإياك أن تأمن له أو تشد به أزرك، فسوف يتخلى عنك مع أول منحنى عندما تحتاج له، وإن كان في أبسط مما تتوقع، وهنا، يثبت ويؤكد موروثنا الأدبي الثقافي الشعبي، أنه من أغنى الثقافات الأدبية التي تتصف بالغزارة والعمق في مختلف جوانب الحياة، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية والمعيشة بشكل عام، ويثبت مجتمعنا أنه من أرقى مجتمعات العالم، وقد أسس وحافظ على إرثه الاجتماعي منذ الأزل. هذا، وللحديث صلة.