هي جمله اشتهرت لدى مجتمعنا على أنها حكمة تحمل من المعاني الكثير والترجمة الفعلية لها، ليس لها أي معنى مفهوم أو واضح لدى غير المواطنين، وذلك كون الجملة مرتبطة بممارسات بعض الحيوانات، التي تقوم بها وهي ممارسات شاذة نوعاً ما، وعلى سبيل المثال فالعقرب تتخلص من الزوج بمجرد أن تنتهي عملية التلقيح، هكذا قرأت يوماً.

كما أن الكلبة، أعزكم الله، تأكل أحد أولادها، بمجرد ولادتهم وهي ممارسات غير مقبولة لدى البشر، ولكن هي كذلك، تحدث لا محاله ومن هنا أخذها موروثنا ليستخدمها في الأمور غير المنطقية بالنسبة له، وبترجمتنا الحرفية للجملة نجدها تعطيك معلومة مبهمة (ردت تاكل عيالها)، ردت يعني رجعت تاكل كلمة واضحة، والقصد بها الأكل نفسه، وعيالها أي أبنائها، وهنا نرى أننا حتى ولو سمعنا الجملة لن نعرف شيئاً من خلال الترجمة، فالترجمة تقول إن هذه التي لا نعرفها تركت كل الأكل المتواجد وأكلت أولادها، الأمر الذي وكما قلنا مسبقاً غير مرغوب وغير مقبول بتاتاً لدى مجتمعاتنا العربية، ومن هنا وظفها موروثنا للأمور الشخصية وجعلها جمله توبيخية وعتبية بين أفراد المجتمع الواحد، ودعوني أطرح عليكم بعض الأمثلة، ومنها إذا كان أحد يمتلك باخرة ولديه موظفون وقام بمساعدات البعض بكشف بعض التلاعب من المسؤولين فيها أو الموظفين، وقام بمعاقبتهم بأن طردهم من تلك الباخرة، وبعدها هم بطرد أحد أفراد الفريق الذي ساعدوه فيقول له كبيرهم أو الشخص الذي وقع عليه الخيار لطرده (افا ردت تاكل عيالها!)

وبالتالي ينتقده كون هذا التصرف غير محمود في أعرافنا وقوانين الحياه الاجتماعية في دولتنا الحبيبة، ويقول له هذا غير متوقع منك، وغير مقبول كوني قمت بالمساعدة في كشف الأخطاء أو التجاوزات، التي كانت سوف تدمر المكان، وبعد هذا الولاء لهذا المكان أعامل بطريقة المخطئين والمقصرين أنفسهم، وهنا يثبت هذا الموروث أن قيمته في كل ذلك المخزون التراثي العميق الذي يشكل محيطاً كبيراً مترامي الأطراف لا يمكن أن يجف حتى ولو قمت بالنهل منه على مدار الساعة فكل ما غصت في محيط ذلك الموروث إلى عمقه وجدت أعماقاً أبعد بكثير من ما تتوقعه.