هي جملة كباقي الجمل التي أنتجتها الحياة الاجتماعية في الدولة، والتي تحمل الكثير من المعاني، ولا تخلو من الحكمة التي علمتها الحياة عن هذه البقعة من الأرض إلى من سكنوها وعاشوا بها ولها.

هذه الجمل والتي لا تحمل سوى كلمتين هي دلالة على صفة غير محمودة من بعض الناس مع العلم بأنه لا يوجد في الكلمتين ما يبين ذلك. غير أن اختزال الموروث الاجتماعي والمتركز في العادات والتقاليد وحسن الخلق الذي ارتبط بهذه الأرض من الأزل، والذي أنتج هذه الكلمة وضع معنى آخر (ربيع درب).

وتعني كلمة (ربيع) صديق، وكلمة (درب) طريق وللوهلة الأولى نجد أن الجملة جيدة فالصداقة مطلوبة في الطرق، والطرقات خصوصا ذات المسافات البعيدة إلا أن موروثنا الشعبي صنع جملته من جانب آخر اجتماعي، يكمن بين أضلع حروف تلك الجملة، وهو عدم تحمل أي مسؤولية وعدم الالتزام بأي حق والخلو من المسؤولية القانونية أو الاجتماعية.

فصديق الطريق أو رفيقه ليس بالضرورة أن يكون ممن تعرف، أو تربطك به علاقة ما. فأغلب الأحيان يكون غير ذلك، وهو ما تشير له جملتنا (ربيع درب).

ولإيضاح المعنى أكثر سوف أضرب لكم مثلاً، فلو فرضنا أن أحداً من أبوظبي قد هم بالذهاب إلى رأس الخيمة وفي الطريق وجد من يريد الذهاب إلى أم القيوين وأخذه معه كما يفعل الكثير منا ذلك، حتى ولو لم يكن يعرفه، وفي الطريق وقبل أن يصل إلى أم القيوين، تعطلت تلك السيارة، فوقف صاحب تلك السيارة لإصلاح سيارته.

ماذا تظنون من ذلك الراكب أن يفعل؟

سوف يواصل طريقه تاركا ذلك الذي أقله من أبوظبي، وسوف يقوم بمواصلة طريقه إلى وجهته أم القيوين بدون أن يلزمه صاحب السيارة بأي شيء مادي أو اجتماعي.

فالأعراف في الدولة لا تحمله أي مسؤولية تجاه من أقله، بل تلزم من أقله إذا لا قدر الله، في حال وقوع حادث بتحمل كافة الأضرار التي من الممكن أن تلحق بذلك الراكب (ربيع الدرب) نتيجة لذلك الحادث، وكذلك هو الحال في الزمن السابق، كانت العرب لا تلزمه (ربيع الدرب)، بأي شيء تجاه من أقله، إلا ما اتفقا عليه من قيمة نقدية أو مادية تجاه تلك التوصيلة.

ومن هنا، جاءت جملتنا والتي اختزلتها حياتنا الاجتماعية ليخرجها موروثنا الشعبي الأدبي الاجتماعي كصفة لذلك الشخص غير المسؤول، والذي تجرد من عاداته وتقاليده ورجولته، وأصبح غير محل الثقة للعمل معه أو مشاركته، مشروعا ما أو مصاهرته أو السفر معه، فهو سوف يتخلى عنك عند أول منعطف. وبالتالي هو شخص لا تلزمه أعراف أو تقاليد لذلك شبهه موروثنا بـ(ربيع درب).

وهي جملة بسيطة تغنيك عن كثير من الكلام، وتقدم لك صفة المنعوتة به واضحة، وكأنها تحذرك منه.

لذلك احذر أن تصادق من يطلق عليه البعض (ربيع درب) أو يقال عنه في مجتمعنا اليوم عند البعض (ربيع من خطف)، وهي أخف وطأة من جملتنا الأصلية ولا تحمل كل تلك الصفات السيئة في الجملة الأولى، وإن كانتا متشابهتين نوعا ما.

وهنا ينفرد موروثنا الشعبي الأدبي في صناعة إسقاطاته الأدبية الاجتماعية بطريقة جميلة وبسيطة وتحمل من الخلق الكثير، وتختصر ذلك الكلم السيئ والصفات المذمومة وتطرحها بطريقة مهذبة تليق بعراقته، وحجمه كموروث شعبي أدبي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وللحديث صلة.