[دبي – الإمارات العربية المتحدة، 23 فبراير 2016] – أطلق برنامج البيت الذي ينتجه مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث الحلقة الأولى من جولته الثانية في موسمه الثالث، الحلقة الثامنة التي أوقعت لجنة تحكيم الشطر في حيرة لاختيار الشطر الأقوى ما بين الغضب والنبل، وبين البوح بالمشاعر الصادقة وخفايا النفس. وأشادت اللجان المنظمة لهذه المسابقة الشعرية التي اختارت موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” للتفاعل مع المتسابقين وهواة الشعر عمومًا، بالزخم المتنامي الذي يحظى به هذا البرنامج في موسمه الثالث، الأمر الذي يؤكد على نجاح الفكرة وسلاستها في استقطاب المزيد من المتنافسين من شتى أنحاء المنطقة.

وفي هذه الحلقة، كشفت فقرة نبض الصورة عن موهبة نسائية جديدة، وهي مي محمد اللافي التي حاز بيتها على إعجاب لجنة تحكيم نبض الصورة لتكون الوصيف الأول، لتقديمها بيتًا مفعمًا بالخجل الممزوج بعزة النفس والطيبة، وأدركت اللجنة دقة استخدام مثل هذه المفردات التي استقتها مي من عيني الطفل، في الوقت الذي ركز فيه المشاركون على جوانب أخرى في الصورة. بينما كان البيت الفائز للشاعر سعود بركات المطيري الذي تمكن من توظيف حكمة قالها الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز.

وبدا لافتًا أيضًا اتفاق ثلاثة من أعضاء لجنة تحكيم الشطر على شطر واحد، وهو (ليتك ردي وانساك لكنك كفو) للشاعر محسن آل مهذل، بينما غرد ضيف الشلة بندر بن عوير خارج السرب باختياره شطرًا آخر، وهو “استودعك من لا تضيع إوداعته”، للشاعر عايض آل عايشة.

وفي هذه الحلقة، واصل البرنامج نهجه المعتاد المتمثل في اختيار الفائز والوصيفين في فقرة نبض الصورة التي عرضت في الحلقة السابقة، كما تم عرض المشاركات في فقرة الشطر، ليتم اختيار الفائز من قبل لجنة التحكيم، وفائز آخر من قبل ضيف الشلة بندر بن عوير.

نبض الصورة

مع أن الصورة كانت حافلة بالأبعاد الناطقة والمعاني المعبرة في كافة أركانها، تمكن الشعراء من الإحاطة بمكنوناتها التي أظهرتها مواهبهم، لتؤكد على امتلاك الكثيرين منهم لناصية الشعر، وهو الأمر الذي اتفق عليه أعضاء لجنة التحكيم، ومدى الحيرة التي سيطرت على أجواء الاختيار قبل أن يجمعوا رأيهم على اختيار ثلاثة أبيات متميزة.

وكانت مي محمد اللافي الوصيف الأول في هذه الفئة، تقديرًا من اللجنة للبيت الذي قدمته، وهو:

نثر قوت الحمام وعاود أدراجه..وعينه تحت                   يعرف ان الحيا كم ردد المحتاج عن قوته

واختارت لجنة التحكيم سعد مناحي بن شفلوت ليكون الوصيف الثاني الذي قدّم بيتًا يقيم فيه حوارًا امتاز بجزالة اللفظ وعمق المعنى بين البائع البسيط والحمامات التي أحاطت به، وكأنها تستجدي عطفه على الرغم من بؤس الحال الذي بدا على محيّاه، فكأنه يخاطب الطيور ويقول لها:

تبوني أنثر لكم حَبي وأنا أموت جوع؟                       اللي ما عنده فلوس!! يروح للسنبله

وكان لقب الفائز بنبض الصورة من نصيب سعود بركات المطيري الذي أطلق العنان لمخيلته التاريخية، ويستقي بيته من حكمة إنسانية مميزة للخليفة عمر بن عبدالعزيز قال فيها: “انثروا القمح على رؤوس الجبال، حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين”.

ما عاد حنا نذر القمح فوق الجبال           حتى الحَمَامات (تفهمها وهي طايرة)

بعد ذلك، تم إطلاق الصورة الجديدة، وكانت تظهر في مقدمتها دراجة هوائية، وخلفها أب يساعد طفله الصغير على النهوض وهما على شاطئ البحر، وكأنه يساعده على اللحاق بها لركوبها والانتقال بها نحو آفاق المستقبل وهو في نعومة أظفاره.

الشعر والتراث صنوان

في لقاء مع الشاعر ماجد عبد الرحمن البستكي المشرف العام على برنامج البيت، ومدير الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، قال في حوار سريع إن الشعر والتراث صنوان لا يمكن الفصل بينهما، فالشعر أسهم في توثيق التاريخ، واستشهد بالشاعر الماجدي بن ظاهر الذي وثق الكثير من الحقائق التاريخية والتراثية والجغرافية للمنطقة. وردًا على سؤال حول أعمار المشاركين في البرنامج، أكد أنه لا يوجد سن معينة للمشاركين، ولم يتم اختيار محاور محددة لإعطاء الحرية للشعراء للتعبير عن أفكارهم، ما ساعد برنامج البيت – على حد قوله، في التأسيس لمدرسة نقد الشعر من خلال المتابعات التي تضاعفت في هذا الموسم بعد أن أقنع الشعراء بالمشاركة بشعرهم وتقبل النقد.

فئة الشطر

أكد مقدم البرنامج بركات الوقيان أن لجنة الفرز تلقت فيضًا من المشاركات التي خضعت للتنقية ضمن عملية اختيار دقيقة للأعمال المقدمة التي كانت تحاول إكمال الشطر (هي كلمتين أقولها قبل الوداع) ، وفي الجولة الأولى تم ترشيح 11 شطرًا، ثم اتفقت لجنة التحكيم على اختيار أربعة منها إلى الشاشة الذهبية، وكانت على النحو الآتي:

1.    أستودعك من لا تضيع إوداعته

2.    لا تنكسر في غيبتي خلك قوي

3.    وان ما قدرت أقولها لا تقولها

4.    خلّ..الفراغ العاطفي (يوقف معك)

وقامت اللجنة بترشيح 12 شطرًا في الجولة الثانية على غير العادة بعد ملاحظة جودة المشاركات وإعطائها فرصة الدخول إلى الشاشة الفضية. وأجمعت آراء اللجنة على نقل أربعة أشطر منها، وهي:

1.    ترجع وتلقاني على حطت يدك!

2.    كنت أتمنى تقولك (بنتي): (يبه)!

3.    بكره تجرب غيري وترضى علي

4.    تأثيرها واضح بلاش أقولها

وكانت الجولة الثالثة مغايرة تمامًا لسابقتيها، وذلك عندما رشحت سبعة أشطر فقط على الشاشة الفضية، ومع ذلك تم ترحيل أربعة منها، وهي:

1.    ليتك ردي وانساك .. لكنك كفو

2.    والله لو ترجع هواء .. ما اتنفسك

3.    (مابه وداع) .. تعيش وتاكل غيرها

4.    شف دايم الفرقا .. تجي حسب الطلب

وبذلك ضمن كل واحد من الأشطر المؤهلة للشاشة الذهبية الفوز بعشرة 10 آلاف درهم. وحال انتهاء عملية الترحيل، أعطي أعضاء اللجنة فرصة اختيار الشطر الأفضل لتحديد الفائز بهذه الفقرة، فاختار مدغم أبو شيبة الشطر (ليتك ردي وانساك لكنك كفو)، لكن محمد المر رأى الإبداع في شطر آخر، وهو (والله لو ترجع هواء ما اتنفسك). واتفق نايف الرشيدي مع أبو شيبة، وهو الاختيار ذاته الذي أقره مبارك الخليفة.

محسن آل مهذل فائز الشطر في الحلقة الثامنة

وبذلك حاز هذا الشطر على اتفاق ثلاثة من أعضاء لجنة التحكيم ليتم إعلانه الفائز في هذه الحلقة، ليعلن فورًا عن اسمه، وهو محسن آل مهذل. من جهة أخرى، أختار ضيف الشلة بندر بن عوير شطرًا لم يطرقه أعضاء لجنة التحكيم، وهو

“استودعك من لا تضيع إوداعته”،

وكان للشاعر عايض آل عايشة الذي أصبح الفائز الثاني في هذه الفقرة.

 

ضيف الشلة

استقبل احمد البدواوي ضيف الشلة المنشد المبدع بندر بن عوير. وعندما سأله عن مدى محافظة الشلة على هويتها كموروث شعبي تضرب جذوره بعمق في تاريخ المنطقة، قال إن الأصالة تظل سمة هذا الفن الرفيع مهما تباينت أساليبها من مكان لآخر، ونوه إلى أهميتها في إبراز قيمة الشعر النبطي في المناسبات والفعاليات الوطنية.

وقدم بن عوير شلة شجية بعنوان (انت الهوى)، وهي من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – حفظه الله، حيث كانت بدايتها مع هذا البيت:

يا طول صبري من الهجران يا خلّي      والرّوح منّي ومن همٍّ يكابدها