دبي – الإمارات العربية المتحدة، 22 مارس 2016  تجدد موعد عشاق الشعر النبطي مع الحلقة الثانية عشرة من برنامج البيت الذي ينتجه مركز حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. واحتفالاً بمناسبة يوم الأم العالمي، استهل البرنامج فقراته بقصيدة مسجلة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وكانت مهداة إلى أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وإلى أمهات الشهداء اللواتي قدمن فلذات أكبادهن فداءً لقيم الفخار والعز، ليبقى الوطن عزيزًا ومصانًا أبد الدهر.

واتسمت الحلقة بالمنافسة الشديدة على الصورة التي أطلقت في الحلقة الماضية، وكانت حافلة بالرمزية والمعاني العميقة التي تثير أسمى المشاعر الإنسانية في نفس كل من أمعن النظر فيها. وكان من الأبيات ما استنهض همّة الطفل الساجد للتغلب على ظروف الحرمان والدمار، وأبدت مشاركات أخرى تعاطفها مع طفل لا حول له ولا قوة إزاء ما يجري في محيطه. وبدى واضحًا قدرة الشعراء على وصف الواقع بطابع كلاسيكي معهود، ومنهم من لجأ إلى توظيف الأبعاد المعنوية. وفي الوقت ذاته، نجح بعضهم في الدمج بين المدرستين، لينجح البيت في استحداث مدرسة خاصة به.

وقال جاسم الجسمي من إدارة التنسيق والمتابعة في برنامج البيت: “كان برنامج البيت مميزًا هذا الموسم، فهناك الكثير من العوامل الجميلة التي أمكننا تسجيلها، خاصة تلك الجهود التي تبذل من وراء الكواليس، وخارج الفترات المحددة لعمليات إعداد وبث البرنامج. ومن بين هذه الأمور الأنشطة الرياضية التي جمعت فريق عمل برنامج البيت، فأسهمت كرة القدم في التقريب بين أعضاء فريق برنامج البيت من جهة، وبين فريق مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث. ومع ذلك، كانت هناك منافسات قوية بين الطرفين، الأمر الذي أسهم في تعزيز أجواء الفرح والسعادة بين الجميع. ونذكر أيضًا طلعات البر التي جمعت بين الشعراء، وما يتخللها من محاورات شعرية وجلسات حميمة بعيدة عن أجواء العمل، دلالة على روح الأخوة والتعاون بين الأطراف المشاركة في إنجاح هذا المشروع الوطني الرائد”.

فقرة “نبض الصورة”

كما جرت العادة، وصلت مشاركات عديدة تمت تصفيتها إلى 12 بيتًا، ثم إلى ستة أبيات وقع الاختيار منها على الوصيفين والفائز. ورصد أعضاء لجنة التحكيم الكثير من العوامل التي ارتقت بجمالية الأبيات والإبداع، خاصة في تلك الأبيات التي وظفت البيئة اللونية الفقيرة التي ساعدت الشعراء على رفع وتائر أصواتهم في الأعمال الشعرية المقدمة.

وجاءت اللجنة متفقة على النتائج، فأعلنت حمد محمد الحربي فائزًا بجائزة الوصيف الأول الذي قدم بيتًا جميلاً يقرأ استعانة الطفل بقوته الإيمانية المستمدة من قوة الخالق، والتنبؤ بقدرته الهائلة التي تساعده في قهر ظروفه:

ساجد على الطاولة ولا تخاف الجفاف؟      شكلك على هالجفاف ب تقلب الطاوله!

أما لقب الوصيف الثاني فكان للشاعر سند هليل الهليل في بيت غارق بقراءة الرموز المبعثرة في خلفية الصورة، واعتماده المدلولات الروحية والإيحاءات الدينية للتعبير عن واقع الطفل عندما يقول:

ما كانت الأرض فوضى من قبل يسجد       كانت ذنوبه، ويوم انّه سجد!! طاحت 

وأعلنت اللجنة علي سلطان الغنبوصي فائزًا في هذه الحلقة عن فقرة “نبض الصورة”، اعترافًا بقدرته على دمج الرمزية مع الكلاسيكية المتمثلة في البيت الفائز بجمالية الدعاء ومراعاة النظير، وهي سمة امتازت بها مشاركات عديدة عبر حلقات البرنامج حسب رأي أعضاء اللجنة، وكان البيت الفائز:

يا ربّ لا يمرّني بردان، ويشبّني                            ما هو بـ ذنبي، أنا مقطوع من شجرة

وعندما تم إطلاق الصورة التي ستكون موضع المنافسة طوال هذا الأسبوع، توقع أعضاء اللجنة أن تثير عاصفة حوارية بين شعراء المنطقة، لأنها تندرج في إطار فلسفي واحد، يعتمد الرمز الواضح المستمد من العين، وقدرتها على استشفاف الآفاق بشتى درجات الأمل وأطياف الرؤى. وتوجه أحد الأعضاء اللجنة بدعوة الشعراء للتعبير عن معاني الصورة بإطلاق العنان لمخيلاتهم لاستنطاق أبعادها وخطوطها.

فقرة الشطر

[إن خسرت اخسر ولا تخسر رضاها] .. شطر استنهض همم الشعراء للتعبير بصدق عن فضائل الأم في المجتمع انطلاقًا من درر القيم التي جاءت في الأثر. وحال انطلاق فيض المشاركات على أعضاء اللجنة، بدا جليًا أن المتنافسين قبلوا تحدي الحوار على الموضوع ذاته، فاستوعبوا معناه المباشر من دون أي لبس ولا غموض، فلم يكن مستغربًا أن يكون كل عجزًا بمثابة رد مباشر لإكمال الشطر بطريقة اقتربت كثيرًا من المنطق الشعري.

الجولة الأولى

نظرًا لجودة الأعمال المقدمة، فقد تم ترشيح 13 شطرًا جرى ترحيلها إلى الشاشة الفضية، لكن التقيد بقوانين المنافسة فرضت على اللجنة ترحيل أربعة منها فقط إلى الشاشة الذهبية، وهي:

عيدها ماهوب يوم..العمر كله

الرضا غاية وطاعتها وسيلة

جعل تفداها (بنات) آدم وحواء

جنة تمشي على الارض بقدمها

الجولة الثانية

في هذه الجولة اختار أعضاء اللجنة أيضًا 11 شطرًا، انتقل منها إلى الشاشة الذهبية أربعة، وهي:

إنشد الأيتام عن طعم الخسارة

كل دعوه منها.. (ساعة إجابه)

لا خسرت أمك خسرت العمر كله

هذي المقياس للفوز الحقيقي

الجولة الثالثة

11 شطرًا رحلت إلى الشاشة الفضية ووقع الاختيار على أربعة، وكانت على النحو الآتي:

وارتفع عن كل شي..إلا قدمها!

ان ضحك لك (سنّها) تضحك (سنينك)!

لا تعاملها ..بما لاتستحقه

كل حاجة غيرها تلقى عوضها

من جهته، قال عضو لجنة التحكيم مبارك الخليفة إن المشاركات في غالبيتها كانت متقاربة في معانيها، لكن كل منها عبر بطريقة مختلفة عن الموضوع ذاته، ومع ذلك وقع اختياره على الشطر الذي يحمل الرقم (4)، وهو [جنة تمشي على الأرض بقدمها]. وأضاف نايف الرشيدي أن الأبيات كانت جميلة، لكنه وجد في الشطر الذي اختاره الخليفة الأقرب إلى ذائقته والأنسب لموضوع المسابقة، فأصبح لشطر [جنة تمشي على الأرض بقدمها] صوتين من بين أربعة أصوات.

وابتعد مدغم أبو شيبة عن مجاملة زميليه بعد أن رشح الشطر [وارتفع عن كل شي .. إلا قدمها]، وبذلك أحيل موضوع الحسم إلى محمد المر الذي اختار بالفعل الشطر رقم (4)، ليتبين لاحقًا أنه للشاعر بداح العازمي، وليضمن بهذه الترشيحات الثلاث الوصول إلى مسرح برنامج البيت. وابتسم الحظ مرة ثانية للعازمي عندما اختاره ضيف الشلة محمد حامد المنهالي، فضمن حصادًا وفيرًا، وتضاعفت قيمة جائزته إلى مئتي ألف درهم.

ضيف الشلة

قدم الشاعر أحمد البدواوي في فقرة ضيف الشلة من برنامج البيت، المنشد المتألق محمد حامد المنهالي الذي أتحف الحضور بقصيدة تحت عنوان “مراحل العمر” لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. وقال إن الشلة التراثية متعددة الأنساق؛ فمنها الونّة والردح والسجع والمنكوس والزوامل والشرح والتغرودة، وغيرها الكثير. ويمكن للمنشد تلحين كل قصيدة وأدائها بعشرة ألحان أو أكثر، ويعتمد ذلك على روح القصيدة وما تحمله من معانٍ.

واستهل اللقاء معه بتوجيه الشكر للقائمين على البرنامج الذي جمع الكثيرين من مختلف أنحاء الوطن العربي، وفسح المجال أمام الشعراء المشاركين للتعبير عن مشاعرهم إزاء مواضيع مختلفة. وسبق للمنهالي أن شارك في جميع المحافل الوطنية وفي إذاعات ومزاينات عديدة، كما سجل له حضورًا في مهرجان الجنادرية في المملكة العربية السعودية، وفعاليات في المغرب، وأخرى في قصر الحصن ومهرجان الشيخ زايد التراثي.